احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

العراق وفتوى الجهاد الكفائي/ الجزء الأول – العراق ما قبل الفتوى وبعدها

العراق وفتوى الجهاد الكفائي

الجزء الأول – العراق ما قبل الفتوى وبعدها

 

           تختلف الآراء في واقع حال العراق لما قبل صدور فتوى الجهاد الكفائي، فكل كاتب يعطي وجهة نظره من جانبه الذي ينتمي اليه، فالشيعي يصور المشهد على ان الشيعة في حالة من الاضطهاد والفتوى جاءت لخلاصهم، بينما الكاتب السني يصور المشهد ان أبناء السنة يذبحون والفتوى جاءت لمحاربتهم تحت عناوين جانبية، وهكذا الكاتب الكردي والكاتب المسيحي والازدي والصابئي ...، ولا يستطيع القارئ التمييز بين الحقيقة والكذب والافتراء والدلس، مما يضطره الى الاستماع الى من هو في جانبه وعلى شاكلته، ويتوافق معه بالرأي والانتماء، ومن هنا بدأت المحنة الكبيرة التي تعرض لها العراق، ومن هنا اصبح الشعب مسؤولاً مع السياسيين عن فساد الوضع العراقي وتدهوره.

            الحرب الطائفية بعد العام 2003 في العراق بدأت ولكنها لم تنجح كما خطط لها، فما زالت الدولة العراقية وحكومتها متماسكة نوعاً ما، وما زال الشعب العراقي محافظاً على هدوئه بشكل يقلق اعدائهم. شهد العراق احداثاً مأساوية كثيرة بين الطوائف وخاصةً بين السنة والشيعة، وكان من المؤسف ان كلا الطرفين انجر وراء هذه الحرب، وتأثر تأثراً كبيراً وخاصةً وان المتلقي يستمع الى جهة واحدة دون غيرها، والتي تعد بالنسبة له منزهة وصادقة، لذلك وخلال السنوات التي تلت سنة 2003 وحتى 9/6/2014 انصهرت كثير من العشائر والجماعات والشباب في بودقة الطائفية، وانتبهت بعضها الى خطورة ذلك لتنفرد خارجاً بما اسموه بالصحوات، صاحب ذلك تأثير اخر وهو الحرب العلنية لمعتقدات الشيعة وتكفيرهم، والتهديد المستمر على هدم مراقد ائمتهم، وهذا التهديد تحول الى واقع في حادثة هدم قبة الاماميين العسكريين في مدينة سامراء التابعة الى محافظة صلاح الدين. كان لدى الشيعة عشوائية في وقتها وتحريك وخطاب طائفي للرد، ورغم اندفاع البعض وتهورهم في الرد ومحاولة تهديم بعض الرموز السنية، الا ان المرجع الشيعي مازال صمام الأمان ليس فقط للشيعة وانما ايضاً لجميع العراقيين، فقد أصدر توجيهاته الى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الطائفية، ومن توجيهاته كانت ما ورد في صفحته الشخصية (1): ((خطابنا هو الدعوة الى الوحدة، وكنت ولا أزال أقول لا تقولوا اخواننا السنة، بل قولوا (أنفسنا أهل السنة). انا استمع الى خطب أئمة الجمعة من أهل السنة أكثر مما استمع لخطب الجمعة من أهل الشيعة. نحن لا نفرق بين عربي وكردي، والاسلام هو الذي يجمعنا معا)).

         أثر الطائفية لم يذهب من قلوب أبناء الطائفتين، وهناك في داخل كل طائفة تمرد على نفسها وعدم الانصياع الى كبارها من العقلاء، فأصبح الوضع غير مسيطر عليه، لاسيما وان الشعب يشحن معتقداته يومياً بالكره للآخرين من خلال ما يسمع ويشاهد ويقرأ، ومع وجود اعلام متصيد بالماء العكر، ومبالغ في نقل الصورة الطائفية، يستمع لهذا الاعلام عائلة من أبناء الشيعة قتل أبنائهم في انفجار في السوق وهم يبحثون عن لقمة العيش، كان المتسبب في الانفجار شخص عشيرته تنتمي لأهل السنة، وهناك عائلة أخرى تستمع الى هذا الاعلام وهي من أبناء السنة لديها أبناء معتقلون ولا يعرف مصيرهم وبعضهم مات من التعذيب في سجون الحكومة (الشيعية)، كلتا العائلتين تسبان الطائفة التي تخالفهما وتلعن رموزها، وتتوعد بأخذ الثأر من أبنائها. كل هذا الخطاب لم يحدد العدو الحقيقي الكامن خلف الكواليس، ولم تتضح الصورة لهم الا بعد فوات الأوان، حينما علموا ان السياسيين هم المحرضون على التقاتل والنزاع وهم القتلة الحقيقيون، ومن كلتا الطائفتين، فالسياسيون هم من تسببوا بكل هذه الفوضى مدلسين على أهلهم الحقائق، ومتصنعين الفتنة، مخفين ملفات فسادهم فيما بينهم، فهم امام الناس أعداء لبعضهم، وعند المكاسب شركاء في استحصال الأرباح لنفسهم.

             كانت هذه مقدمة قبل ان ندخل الى صلب الموضوع، وهو ما كان عليه وضع العراق قبل صدور الفتوى، فالعراق بعد الانهيار السياسي الذي كان يتمحور حول نوري المالكي رئيس الوزراء حينها، وعدم رغبة الشيعة قبل السنة به، صاحب ذلك ايضاً انهيار اقتصادي بسبب عدم وجود ميزانية مقرورة، مع وجود نزاعات سياسية وشخصية، كانت في اشدها، وفي هذه الأجواء المشحونة بالتوتر كانت هناك واسطة اجتماعية قد اخذت دورها في أوساط المجتمع، وهي الفيس بوك، ظهرت أهمية هذه الوسيلة الاجتماعية في هدم الثقة في نفوس الناس، وهو ما جعلهم يتشتتون فكرياً، لاسيما وان الفكرة التي تناقلتها هي دخول قوة كبيرة من سوريا لاحتلال العراق، من منظور البعض كانت هذه الرحمة المرجوة، والخلاص من الحكم الشيعي الصفوي، ومن منظور اخر كانت الفرصة لإعلان الاستقلال، ومن منظور ثالث كانت هذه هي علامات الظهور ودخول السفياني.

             حصلت الأمور بسرعة وغموض، وانهارت الأجهزة الأمنية، في طرفة عين، وإذا بالمحافظات تتساقط الواحدة تلو الأخرى كلياً وجزئياً، وصور لانسحاب القوات الأمنية من الموصل، لتسقط الموصل بشكل كامل بيد الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، ولحقتها الانبار، وصلاح الدين، وجزء من ديالى وكركوك، وقد وصلت الى حدود محافظات الحلة، وكربلاء، وتهديد كبير لدخول بغداد من جانبها الغربي. الدولة غير قادرة على الدفاع عن كيانها، والحكومة عاجزة عن أداء واجبها، والقوات الأمنية تركت مواقعها، وزاد عدد الفارين والهاربين من الواجب في صفوف الجيش والشرطة، وظهور التصوير لمجزرة سبايكر والتي اعدمت داعش خلالها ما يزيد عن 1700 شاباً، كانوا طلاباً في القوة الجوية في قاعدة سبايكر الجوية بعد اسرهم وكان عددهم الكلي (2000-2200) طالباً (2)، هذه المجزرة كانت جرس الإنذار الى ان داعش لم تأتي الا لسفك الدماء، فقتل اكثر من سبعمائة والف شابٍ بدم بارد في يوم واحد بعد ان وعدوهم بانهم لن يلحقوا بهم الأذى، علماً بانهم كانوا غير مسلحين ومنسحبين من قاعدتهم الى اهليهم، وليس لديهم اية أسلحة او سيارات، فقد كانوا يسيرون على الاقدام بشكلٍ جماعي عندما اسرتهم بعض العشائر المتعاونة مع داعش.

              العراق الى اين؟ سؤال يتبادر الى اذهان العراقيين جميعاً، ماذا سيحل بهم؟ وداعش يتركون الصغار ينفذون الإعدام بأيديهم، وهم يهددون بدخول بغداد وقتل الروافض، وقد هجروا اهل الموصل من الازديين وباعوا نسائهم، وكذلك حال المسيحيين والاكراد وغيرهم، مهجرون بلا مأوى، فقط لاذوا بالفرار خلاصاً من الموت والبيع والعبودية، فماذا سيكون حال الباقين؟

              الشعب مخدر، والحكومة عاجزة، والشعور الوطني غير موجود، والقيادات السياسية جهزت نفسها للفرار من العراق، وبعد كل هذه السنوات لا يوجد في العراق قائد واقعي، فبعد 9/6/2016 اصبح العراق محتلاً من قبل تنظيم داعش، وحتى يوم 13/9/2016 لم يتمكن أي قائد من وضع الحل المناسب، وضاقت الأرض بما رحبت، واشتدت ضراوة المعركة، وبلغت عند الجميع القلوب الحناجر، وظن الجميع ان العراق انتهى بيد الإرهاب، وهناك عاد الولد الشقي كثير الكلام وقليل الفعال الى والده، عاد الولد العاق لأبيه، عاد الى أحضان مرشده وحاميه، عاد عندما أعلن السيد السيستاني في خطبة الجمعة على لسان الخطيب الشيخ عبد المهدي الكربلائي (3) عن فتوى الجهاد الكفائي، ليلة فقط فصلت بين الإعلان وبين توافد الشباب الى مراكز التطوع لتتكون في 15/6/2016 نواة هيئة الحشد الشعبي بعدد مسجل (6000-9000) (4) مقاتل ممن يتسلمون رواتباً من الدولة، اما الذين لا يتسلمون اية رواتب ومتطوعين فلا توجد إحصائية واضحة لهم، هذا العدد قلب الموازنة رأساً على عقب، وخابت آمال المراهنين على انهيار العراق وسقوطه، فاذا بالشباب العراقي يلبي نداء الوالد، والمرجع، وصمام الأمان، ليدافعوا عن ارضهم وعرضهم ومقدساتهم، وهم يقاتلون باندفاع كبير، توجوا هذه البطولات بتحرير جزء كبير من الأراضي المحتلة، وبسطوا فيها من جديد سيادة العراق، وابرز تلك الإنجازات تحريرهم لمنطقة جرف الصخر التي سميت بعدها بجرف النصر، وتحرير محافظة صلاح الدين، والتي كانت مركزاً قيادياً لداعش، ومنطلقاً لهجماتهم على باقي المحافظات القريبة منها ولاسيما العاصمة بغداد.

              رغم ان المتطوعين خرجوا لقتال داعش، الا ان التأثير السابق من روحية طائفية لم ترتحل من اذهان الطرفين، فما زالت الحرب الطائفية لم تنتهي، حيث أصبحت الفتوى ليست لحماية العراقيين من شر داعش وارهابهم، بل من اجل إبادة السنة في العراق، وبدأت وسائل التواصل الاجتماعي عملها التخريبي من جديد، فالحشد الشعبي طائفي، يقتل السنة، يحرق البيوت، يسرق وينهب، في الوقت الذي تظهر فيه احدى الاحصائيات في عام 2015 ان عدد شهداء الحشد الشعبي وصل الى (3000) شهيد خلال عام واحد، وأكثر من (10,000) جريح 25% منهم معاقين (5). شباب تركوا اهلهم وتجارتهم وحياتهم من اجل ان يقضوا حتوفهم، فهل هؤلاء طائفيون؟ شباب ظل أهلهم بلا معيل ولم يطمعوا براتب او بمردودات مالية، فهل هؤلاء طائفيون؟ شباب يبذل ماله من اجل رعاية عوائل النازحين، فهل هؤلاء طائفيون؟

             على الذين يتكلمون بالطائفية مراعاة الحقيقة وعدم خلط الأوراق –هذا ان كانت نواياهم صادقة– واخذ المواضيع المطروحة بجدية، فبهذه الكلمة قد تزهق روح، وبها قد تنقذ روح، فالكلمة حجة امام الله وعلينا ان نختار لكلامنا ما ينفع الناس لا ما يضرهم، وما يقربهم لا ما يبعدهم عن بعضهم، والانتباه الى عدم التعاطي والفتنة والتي وصفها الله عز وجل بقوله تعالى: ((...وَالْفِتْنَةُ اَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ...)) البقرة 217، وقوله تعالى: ((...وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ...)) البقرة 191.

بعد دخول داعش ومجزرة سبايكر، وتهجير أهالي الموصل والمناطق المحتلة من قبلهم، وبيعهم النساء، وسلبهم ممتلكات العوائل، والتهديد بضرب المقدسات وتهديمها وقتل الشيعة وابادتهم، ترتبت على كل ذلك أوضاع خرجت عن سيطرة الحكومة في حينها، وصدرت حينها فتوى الجهاد الكفائي، وتشكلت نواة الحشد الشعبي الذي أصبح حالياً، هيئة تابعة لرئاسة الوزراء، وتحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة، وهو حالياً رئيس الوزراء حيدر العبادي، ظهرت نوايا الدول العالمية التي كانت تتابع الشأن العراقي وتنتظر الساعة المناسبة للعودة والدخول الى العراق واحتلاله بشكل مختلف، فكانت لها ردود أفعال ابرزها:

1-    عدم ارسال أي دعم لوجستي الى القوات الأمنية العراقية من الجيش والشرطة، وعدم تزويد العراق بأية أسلحة واعتدة لخوض هذه الحرب مع داعش.

2-    تحريك الشارع العام بخطابات نارية تهاجم فتوى السيد السيستاني لتحويلها الى فتوى طائفية.

3-    المشاركة في تعطيل إقرار الموازنة الاتحادية مما اثرت على عدم إمكانية الحكومة العراقية على شراء الأسلحة والعتاد للاستمرار في المعركة.

4-    إعطاء معلومات مغلوطة الى القوات الأمنية العراقية التي جعلت منها عرضة للسقوط في الكمائن وخسارة المعارك.

5-    ضرب القطعات العراقية تحت عذر الخطأ والاشتباه.

6-    التدخل العسكري التركي والدخول الى العمق العراقي بشكل علني وواضح.

 بعد ذلك ولعدم ظهور الضعف في الاندفاع الشعبي للدفاع عن حرمة العراق، وإظهار رجال الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية الإصرار والصمود في القتال والاستبسال في المعارك، كانت الحرب قد انتقلت الى الجانب الاقتصادي، فاذا بسعر برميل النفط يقل كثيراً، وهذا أثر تأثيراً كبيراً على ميزانية العراق، لاسيما وهو في حالة حرب مع داعش.

اين ارتحلت العوائل النازحة في هذه الفوضى العارمة؟ ومن أي الطوائف كانت هذه العوائل النازحة؟ وهنا سكتت أصوات الطائفيين، وسكت السياسيون، وسكت الضمير الحي، وسكتت الابواق المأجورة. وكان التساؤل: اي الأبواب والبيوت فتحت لهم؟ ومن في هذه الأوضاع الصعبة تقاسم معهم لقمة العيش؟

لقد كانت العوائل النازحة تتكون من الطوائف والقوميات الاتية: المسيحيون، والازديون، والشبك، والتركمان، والسنة، والشيعة. ويذكر ان عدد النازحين تجاوز المليونين نازح (6). توزعوا على إقليم كردستان ومخيمات أخرى في بعقوبة وفي مدن العراق كافة في الوسط والجنوب (7). فالحرب والتسويق الطائفي هو ليس من الواقع العراقي بل هو دخيل عليه. فانت عندما تعرف ان العتبة الحسينية تتهيأ لاستقبال مائتي ألف (8) نازح من كافة الطوائف وإنها استقبلت 3000 نازح في بداية الاحداث التي جرت في العراق وامنت لهم المأوى والطعام، فإنك ستعرف ان الطائفية هي بذرة زرعها أعداء العراق فيه، وسقاها السياسيون من دماء الشعب المظلوم، وساعدهم المجرمون والقتلة من كل الطوائف والمكونات العراقية، ونمت في جهل الشعب لعدوه الحقيقي، واثمرت ما يعيشه الناس من بؤس وحرب وتهجير، ومن حرض على الطائفية، يعيش حياته الطبيعية، في داخل العراق او في خارجه.





انتهى الجزء الأول. والحمد لله رب العالمين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-      http://www.sistani.org/arabic/in-news/1038/

2-      https://ar.wikipedia.org/wiki/مجزرة_سبايكر

3-      https://www.youtube.com/watch?v=R7by5almGhA

4-      http://c82.ir/wiki/الحشد_الشعبي

5-      http://www.iraaqi.com/news.php?id=15710&news=1#.V_ajDo6KTIU

6-      http://aawsat.com/home/article/264271/النازحون-في-العراق-شتتهم-شبح-الموت-وجمعتهم-المعاناة-في-المخيمات

7-      http://www.almirbad.com/news/view.aspx?cdate=21072014&id=51ef9318-644a-4dd2-8ac4-81e4389e11e2

8-      http://imamhussain.org/arabic/news-1/2976


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق